الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ابن تيمية **
في الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على كل مسلم صدقة) قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال: (يَعْتَمِلُ بيديه فينفع نفسه ويتصدق)، قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: (يعين ذا الحاجة الملهوف)، قال: قيل له: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: (يأمر بالمعروف أو الخير)، قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: (يمسك عن الشر فإنها صدقة). وفي الصحيحين عن أبي ذر قال: قلت: يارسول اللّه، أي الأعمال أفضل؟ قال: (الإيمان باللّه، والجهاد في سبيله) قال: قلت:أي الرقاب أفضل؟ قال: (أَنْفَسُها عند أهلها، وأكثرها ثمنًا) قال: قلت: فإن لم أفعل، قال: (تعين صانعًا، أو تصنع لأخْرَق) قال: قلت: يارسول اللّه، أرأيت إن ضَعُفْتُ عن بعض العمل؟ قال: (تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك). ففي هذا الحديث أنه أوجب الصدقة على كل مسلم، وجعلها خمس مراتب على البدل: الأولي الصدقة بماله، فإن لم يجد اكتسب المال/ فنفع وتصدق. وفيه دليل وجوب الكسب، فإن لم يستطع فيعين المحتاج ببدنه، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يفعل فيكف عن الشر. فالأوليان تقع بمال إما بموجود أو بمكسوب، والأخريان تقع بِبَدَنٍ إما بيد وإما بلسان. وفي صحيح مسلم، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يصبح على كل سُلامَي من أحدكم صدقة؛ فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأَمْرٌ بالمعروف صدقة، ونَهْي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحي)، ففي هذا الحديث أنه جعل الصدقة الكلمات الأربع. والأمر والنهي، وركعتا الضحي كافيتان. وفيه عنه، أن ناسًا من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يارسول اللّه ذهب أهل الدُّثُور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: (أَوَليس قد جعل اللّه لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بُضْعِ أحدكم صدقة). قالوا: يارسول اللّه، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال:/ (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر). قلت: يشبه ـ واللّه أعلم ـ أن يكون قوله: صدقة أي: تقوم مقام الصدقة التي للأغنياء، فيكون الحديث الثاني مفسرا للأول، بخلاف حديث أبي موسى فإنه موجب للصدقة، أو تكون صدقة نفسه على نفسه، كما في حديث أبي ذر المتقدم تكف شرك عن الناس. / فأجاب عنها: منها ما يروون أنه قال: (أَدَّبني ربي فأحسن تأديبي). فأجاب: الحمد للّه، المعني صحيح. لكن لا يعرف له إسناد ثابت. ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لو كان المؤمن في ذِرْوَة جبل قَيَّض اللّه له من يؤذيه، أو شيطانًا يؤذيه). فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا معروفا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لو كانت الدنيا دما عَبِيطًا كان قوت المؤمن منها حلالا. فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف عنه بإسناد، ولكن المؤمن لابد أن يتيح اللّه له من الرزق ما يغنيه، ويمتنع في الشرع أن يحرم على المؤمن مالا بد منه، فإن اللّه/لم يوجب على المؤمنين مالا يستطيعونه، ولا حرم عليهم ما يضطرون إليه من غير معصية منهم. قاله وكتبه أحمد بن تيمية. ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم، عن اللّه: (ما وَسِعَنِي سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن). فأجاب: الحمد للّه، هذا مذكور في الإسرائيليات، ليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعني:(وسعني قلبه) الإيمان بي ومحبتي ومعرفتي، ولا من قال: إن ذات اللّه تحل في قلوب الناس، فهذا من النصاري، خَصُّوا ذلك بالمسيح وحده. ومما يروونه عنه أيضا: (القلب بيت الرب). فأجاب: الحمد للّه، هذا كلام من جنس الأول، فإن القلب بيت الإيمان باللّه ومعرفته ومحبته، وليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروونه عنه أيضًا: (كنت كنزًا لا أعرف، فأحببت أن أعرف، فخلقت خلقًا فعرفتهم بي فعرفوني). فأجاب: ليس هذا من كلام اللّه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف له إسناد صحيح ولا ضعيف. ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم: أن عمر بن الخطاب ـ رضي اللّه عنه ـ قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا تكلم مع أبي بكر كنت كالزنجي بينهما الذي لا يفهم. فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب ظاهر لم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث، ولم يروه إلا جاهل أو ملحد. ومما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (أنا مدينة العلم وعلى بابها). /فأجاب: هذا حديث ضعيف، بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث، لكن قد رواه الترمذي وغيره، ومع هذا فهو كذب. ومما يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن اللّه يعتذر للفقراء يوم القيامة ويقول: وعزتي وجلالي ما زَوَيْتُ الدنيا عنكم لهوانكم على، لكن أردت أن أرفع قدركم في هذا اليوم، انطلقوا إلى الموقف فمن أحسن إليكم بِكِسْرة، أو سقاكم شربة من الماء، أو كساكم خرقة انطلقوا به إلى الجنة). فأجاب: الحمد للّه، هذا الشأن كذب، لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث، وهو باطل مخالف للكتاب والسنة بالإجماع. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: أنه لما قدم المدينة في الهجرة خرجت بنات النجار بالدفوف وهن يقلن: طلع البـدر علينا ** مـن ثنيات الـوداع إلى آخر الشعر، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (هزوا كرابيلكم بارك اللّه فيكم). فأجاب: أما ضرب النسوة الدف في الزواج فقد كان معروفا على عهد/رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأما قوله: (هزوا كرابيلكم بارك اللّه فيكم) فهذا لا يعرف عنه صلى الله عليه وسلم. ومما يروون عنه، أنه قال: (لو وُزِنَ إيمان أبي بكر بإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر على ذلك). فأجاب: الحمد للّه، هذا جاء معناه في حديث معروف في السنن أن أبا بكر ـ رضي اللّه عنه ـ وزن هذه الأمة فرجح. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إلى فأسكني في أحب البقاع إليك). فأجاب: الحمد للّه، هذا باطل، بل ثبت في الترمذي، وغيره أنه قال لمكة: (واللّه إنك لأحب بلاد اللّه إلى اللّه)، وقال: (إنك لأحب البلاد إلى)، فأخبر أنها أحب البلاد إلى اللّه وإليه. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (من زارني، وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة). فأجاب: الحمد للّه، هذا حديث كذب موضوع، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (فقراؤكم). فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ ليس مأثورًا، لكن معناه صحيح، وأن الفقراء موضع الإحسان إليهم، فبهم تحصل الحسنات. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (البركة مع أكابركم). /فأجاب: الحمد للّه، قد ثبت في الصحيح من حديث جُبَيْر، أنه قال: (كَبِّرْ، كَبِّرْ) أي: يتكلم الأكبر. وثبت من حديث الإمامة، أنه قال: (فإن استووا ـ أي في القراءة والسنة والهجرة ـ فليؤمهم أكبرهم سنًا). ومما يروون ـ أيضًا ـ: (الشيخ في قومه كالنبي في أمته). فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يقوله بعض الناس. ومما يروون ـ أيضًا ـ: (لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا). فأجاب: الحمد للّه، هذا مأثور عن بعض السلف، وهو كلام صحيح. ومما رووا عن على ـ رضي اللّه عنه ـ أن أعرابيًا صلى ونَقَرَ صلاته، فقال له علي: لا تنقر صلاتك، فقال له الأعرابي: لو نقرها أبوك ما دخل النار. /فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب، ورووه عن عمر، وهو كذب. ومما يروون عن عمر رضي اللّه عنه، أنه قتل أباه. فأجاب: هذا كذب؛ فإن أبا عمر ـ رضي اللّه عنه ـ مات في الجاهلية قبل أن يبعث الرسول صلى الله عليه وسلم. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين، وكنت نبيًا وآدم لا ماء ولا طين). فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ كذب باطل، ولكن اللفظ المأثور الذي رواه الترمذي وغيره أنه قيل: يارسول اللّه، متي كنت نبيًا؟ قال: (وآدم بين الروح والجسد)، وفي السنن عن العِرْباض بن سارية، أنه قال: (إني عند اللّه لمكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنْجَدِل في طينته). ومما يروون ـ أيضًا ـ: (العازب فراشه من النار، ومسكين رجل بلا امرأة، ومسكينة امرأة بلا رجل). فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولم أجده مرويا، ولم يثبت. ومما يروون أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ لما بني البيت صلى في كل ركن ألف ركعة، فأوحي اللّه تعالى إليه: يا إبراهيم، أفضل من هذا سد جوعة، أو ستر عورة. فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب ظاهر، ليس هو في شيء من كتب المسلمين. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا ذُكِر إبراهيم وذكرت أنا فصلوا عليه، ثم صلوا على، وإذا ذكرت أنا والأنبياء غيره فصلوا على ثم صلوا عليهم). فأجاب: الحمد للّه، هذا لا يعرف من كتب أهل العلم ولا عن أحد من العلماء المعروفين بالحديث. / فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس له إسناد عن أهل العلم، ولا هو في شيء من كتب المسلمين، وإنما يروونه عن سالم، وليس معناه صحيحًا على الإطلاق، فقد يأكل مع المسلمين الكفار والمنافقون. ومما يروون ـ أيضًا ـ: (من أشبع جوعة، أو ستر عورة ضمنت له الجنة). فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون: (لا تكرهوا الفتن، فإن فيها حصاد المنافقين). فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس معروفًا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون: (سَبُّ أصحابي ذنب لا يغفر). فأجاب ـ رحمه اللّه ـ: هذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: ومما يروون: (من علم أخاه آية من كتاب اللّه فقد ملك رِقَّهُ). فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب ليس في شيء من كتب أهل العلم. ومما يروون عنه: (آية من القرآن خير من محمد وآله). /فأجاب: الحمد للّه، القرآن كلام اللّه منزل غير مخلوق،فلا يشبه بالمخلوقين، واللفظ المذكور غير مأثور. ومما يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا من العرب، وليس العرب مني). فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون عنه ـ أيضًا ـ: (اللهم أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين). فأجاب: هذا يروي، لكنه ضعيف لا يثبت، ومعناه أحيني خاشعا متواضعًا، لكن اللفظ لم يثبت. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا سمعتم عني حديثًا فاعرضوه على الكتاب والسنة، فإن وافق فَارْوُوه، وإن لم يوافق فلا). فأجاب: الحمد للّه، هذا مروي ولكنه ضعيف عن غير واحد من الأئمة؛ كالشافعي، وغيره. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (ياعلي، اتخذ لك نعلين من حديد وافْنِهِمَا في طلب العلم ولو بالصين). فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا ولا هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. /ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (يقول اللّه تعالى: لاقُوني بِنَيَّاِتكم ولا تلاقوني بأعمالكم). فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا اللفظ معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من قدم إبريقًا لمتوضئ فكأنما قدم جَوَادًا مسرجا مَلْجُوما يقاتل عليه في سبيل اللّه). فأجاب: هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف في شيء من كتب المسلمين المعروفة. ومما يروون عنـه صلى الله عليه وسلم: (يأتي على أمتي زمـان مـا يسلم بـدينه إلا مـن يفر من شاهق إلى شاهق). فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ ليس معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (حسنات الأبرار سيئات المقربين). فأجاب: الحمد للّه، هذا كلام بعض الناس، وليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ستروا من أصحابي هدنة: القاتل والمقتول في الجنة). /فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون عنه: (إذا وصلتم إلى ما شَجَرَ بين أصحابي فأمسكوا، وإذا وصلتم إلى القضاء والقدر فأمسكوا). فأجاب: الحمد للّه، هذا مأثور بإسناد منقطع، وماله إسناد ثابت. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (إذا كثرت الفتن فعليكم بأطراف اليمن). فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ لا يعرف. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (من بات في حراسة كلب بات في غضب الرب). فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه أمر النساء بالغُنْجِ لأزواجهن عند الجماع). فأجاب: ليس هذا عنه صلى الله عليه وسلم. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كسر قلبًا فعليه جَبْرُه). فأجاب: الحمد للّه، هذا أدب من الآداب، وهذا اللفظ ليس معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكثير من الكلام يكون صحيحًا،/لكن يمكن أن يقال عن الرسول صلى الله عليه وسلم مالم يقدح، إذ هذا اللفظ ليس بمطلق في كسر قلوب الكفار والمنافقين؛ إذ به إقامة الملة. واللّه أعلم. وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا إلى يوم الدين، وعلى آله وأصحابه وأزواجه والتابعين.
|